recent
أخبار ساخنة

**حلم "فرانكنشتاين" المكسيكي يتبدد في مهرجان البندقية: انتكاسة فنية لغييرمو ديل تورو؟**

 

**حلم "فرانكنشتاين" المكسيكي يتبدد في مهرجان البندقية: انتكاسة فنية لغييرمو ديل تورو؟**

 

**مقدمة:**

 

في عالم السينما، حيث تتجلى الأحلام على الشاشة الفضية، يترقب الجمهور والنقاد بشغف كل جديد يأتيهم من المخرجين الكبار. غييرمو ديل تورو، الاسم اللامع في سماء السينما العالمية، والذي عودنا على تحفه الفنية التي تمزج بين الفانتازيا المرعبة والعمق الإنساني، أتى هذه المرة بفيلم "فرانكنشتاين" الذي عُرض مؤخرًا ضمن مسابقة مهرجان البندقية السينمائي. ولكن، خلافًا للتوقعات المعهودة، لم يكن الاستقبال الذي حظي به الفيلم كما كان يُرجى، بل وصفه الكثيرون بـ "انتكاسة فنية" تضع علامات استفهام حول مسيرة المخرج المكسيكي الذي لطالما أدهشنا بإبداعاته.

في عالم السينما، حيث تتجلى الأحلام على الشاشة الفضية، يترقب الجمهور والنقاد بشغف كل جديد يأتيهم من المخرجين الكبار. غييرمو ديل تورو، الاسم اللامع في سماء السينما العالمية، والذي عودنا على تحفه الفنية التي تمزج بين الفانتازيا المرعبة والعمق الإنساني، أتى هذه المرة بفيلم "فرانكنشتاين" الذي عُرض مؤخرًا ضمن مسابقة مهرجان البندقية السينمائي. ولكن، خلافًا للتوقعات المعهودة، لم يكن الاستقبال الذي حظي به الفيلم كما كان يُرجى، بل وصفه الكثيرون بـ "انتكاسة فنية" تضع علامات استفهام حول مسيرة المخرج المكسيكي الذي لطالما أدهشنا بإبداعاته.
**حلم "فرانكنشتاين" المكسيكي يتبدد في مهرجان البندقية: انتكاسة فنية لغييرمو ديل تورو؟**


**حلم "فرانكنشتاين" المكسيكي يتبدد في مهرجان البندقية: انتكاسة فنية لغييرمو ديل تورو؟**


**"فرانكنشتاين" ديل تورو بين الحلم والواقع المرير**

 

لطالما كان مشروع "فرانكنشتاين" حلمًا يراود غييرمو ديل تورو، شغفًا أدبيًا وفنيًا ظل ينمو معه لسنوات طويلة. هذا الشغف قاده لتقديم رؤيته الخاصة لرواية ماري شيلي الخالدة، التي تُعد حجر الزاوية في أدب الرعب التأملي والخيال العلمي.

  •  ومع ذلك، يبدو أن الفجوة كانت شاسعة بين الصورة التي رسمها في مخيلته والواقع الذي تجسد على
  •  الشاشة الكبيرة. الفيلم، الذي أنتجته منصة "نتفليكس" بميزانية ضخمة بلغت 120 مليون دولار، لم
  •  يرقَ إلى مستوى التطلعات، بل ترك غالبية الحضور في حال من الدهشة السلبية، خاصة وأن مسيرة
  •  ديل تورو السينمائية حتى هذا الفيلم كانت خالية من أي تعثر فني كبير، مما يجعل هذه التجربة استثناءً
  •  مؤلمًا ومثيرًا للتساؤلات.

 

**رؤية جديدة لأسطورة قديمة**

 

يتناول ديل تورو في فيلمه قراءة جديدة لرواية ماري شيلي، محاولًا إضفاء بعد إنساني وفلسفي عليها. في قلب الحكاية، نجد فيكتور فرانكنشتاين (يؤدي دوره بإتقان أوسكار أيزك)، العالم الطموح الذي يدفع به جنون الابتكار إلى تجاوز كل الحدود، باحثًا عن فك أسرار الحياة والموت. 

  1. ما يبدأ كتجربة علمية جريئة سرعان ما يتحول إلى مأساة أخلاقية وإنسانية عميقة، حين يمنح
  2.  فرانكنشتاين الحياة لمخلوق مشوه (يجسده ببراعة جاكوب إلوردي). هذا المخلوق، الذي لا ذنب له
  3.  سوى أنه خرج من رحم التجربة بعيدًا عن الصورة الإنسانية المتعارف عليها

 يُلقى به في عالم قاسٍ يرفضه. وبدلًا من أن يتحمل فيكتور مسؤولية اختراعه ويعتني به، يتخلى عنه، فاتحًا بذلك الباب على مصراعيه لسلسلة لا تنتهي من الكوارث والمآسي التي تطال الجميع.

 

**فلسفة ديل تورو وراء "فرانكنشتاين"**

 

يشرح ديل تورو دوافعه لإعادة إحياء هذا الأصل الأدبي الذي حظي باقتباسات سينمائية وتلفزيونية متعددة على مر العقود. يقول المخرج المكسيكي: "يمثل هذا الفيلم خاتمة رحلة شخصية بدأت قبل سبعة أعوام، حين شاهدت للمرة الأولى أفلام فرانكنشتاين من إخراج جيمس ويل. 

  • في تلك اللحظة الحاسمة، شعرت بوميض وعي داخلي: أصبح الرعب القوطي لدي كدين جديد أتبعه،
  •  وبوريس كارلوف تحول إلى مسيحي الروحي. التحفة الأدبية لماري شيلي تحمل بين طياتها تساؤلات
  •  تآكل روحي، أسئلة وجودية ناعمة في حساسيتها، برية في عمقها، لا مهرب منها. هي تساؤلات يجرؤ
  •  العقل الشاب على طرحها

وتلك التي يعتقد الكبار والمؤسسات أنهم يملكون الإجابة عنها، لكن بالنسبة إليَّ، فقط الوحوش تمتلك تلك الإجابات، فهي جوهر اللغز ذاته. من هنا، ينبثق فرانكنشتاين في رؤيته كرسالة مقدسة، مدفوعة بالإجلال والحب. هذه قصة أب معطاء وابن ضائع، كحوار بين أيوب ولازاروس".

 

أراد ديل تورو أن ينزع الرهبة البدائية من قصة فرانكنشتاين، محولًا إياها إلى دراما عائلية معقدة تركز على العلاقات الإنسانية المختلة، وعلى البحث عن القبول والانتماء. أراد أن يقدم نظرة أعمق لمعنى الإنسانية والوحشية، وأن يطرح تساؤلات حول المسؤولية الأخلاقية للخالق تجاه خلقه. لكن، هل نجح في تحقيق رؤيته؟

 

**نقاط الضعف من الملل إلى الجفاف البصري**

 

للأسف، وبغض النظر عن النوايا الفكرية العميقة للمخرج واحترامه الشديد للنص الأصلي، لم يتمكن الفيلم من تجاوز عتبة الملل القاتل. فبدلاً من أن يقدم صراعات درامية معقدة تلامس الروح، جاء الفيلم ليقدم صراعات سطحية بين الخير والشر، دون عمق حقيقي للشخصيات أو تطور مقنع للأحداث.

 

  1. ديل تورو، المعروف بروحه التجديدية وبراعته الفائقة في خلق عوالم فريدة ومخلوقات أسطورية
  2.  طبعت أفلامه الأبرز مثل "متاهة بان" و"شكل الماء"، خيب هنا آمال جمهوره. وجدنا أنفسنا أمام
  3.  تجربة بصرية جافة، تمتد لساعتين ونصف الساعة، تفتقر إلى أي إثارة تذكر. الفيلم يعاني من إيقاع
  4.  رتيب وبطيء، وشخصيات باهتة لا تترك أثرًا في الذاكرة. 

الأحداث تتسلسل بشكل خطي ومباشر، تفتقر إلى التضاريس الدرامية التي تبقي المشاهد مشدودًا، بل تغرق في حوارات مباشرة، ورموز مبالغ فيها، ووعظ صريح لا يخدم النص بقدر ما يثقل كاهله.

 

**الجمالية البصرية وموسيقى التصويرية خيبات متتالية**

 

على الصعيد الجمالي، فشل الفيلم في تخطي مصاف "الكيتش"، وهو مصطلح يطلق على الأعمال الفنية التي تتسم بالمبالغة والذوق الرديء. بدت الصورة وكأنها مشغولة ببرامج الذكاء الاصطناعي، بعيدًا كل البعد عن اللمسات الساحرة والمميزة التي طالما أبهرنا بها ديل تورو في أعماله السابقة. هذه الصورة الاصطناعية، التي تفتقر إلى الروح والإبداع، أدت إلى فقدان الاهتمام بالفيلم سريعًا، وتحولت تجربة المشاهدة إلى مجرد انتظار للختام.

 

  • حتى موسيقى ألكسندر ديسبلا، الملحن المبدع الذي أسعدنا بألحانه الخالدة في أفلام مثل "فندق بودابست
  •  الكبير" و"شكل الماء"، جاءت هذه المرة باهتة وغير ملهمة. لم تستطع الموسيقى أن ترفع من مستوى
  •  الفيلم أو أن تضفي عليه أي من السحر أو التشويق الذي كان من الممكن أن تنقذه. بدا الأمر وكأن كل
  •  عناصر الفيلم تآمرت لتقديم تجربة باهتة ومخيبة للآمال.

 

**سينما عفا عليها الزمن؟**

 

وصف بعض النقاد الفيلم بأنه يقدم "سينما عفا عليها الزمن"، تستخدم لغة بصرية قديمة لا تتناسب مع التطورات الحديثة في عالم السينما. لا يعني هذا بالضرورة نبذ الكلاسيكية، فالأعمال الكلاسيكية بطبيعتها تتجاوز الزمان والمكان، ولكن ما قُدم في "فرانكنشتاين" ديل تورو أقرب إلى أكاديمية فاقدة للخيال والابتكار، تكرر أنماطًا قديمة دون أن تضيف إليها أي لمسة فنية جديدة أو رؤية متطورة.

 

**رسالة ديل تورو في زمن الإرهاب والترهيب**

 

خلال المؤتمر الصحافي للفيلم، أكد ديل تورو أنه لم يقصد من فيلمه أن يكون مجرد استعارة، بل رسالة أعمق. قال: "نحن نعيش في زمن يسوده الإرهاب والترهيب بلا شك، ولا توجد مهمة أكثر إلحاحًا من أن نحافظ على إنسانيتنا في ظل عالم يدفعنا نحو تصور ثنائي قطبي لتلك الإنسانية". وشرح أن الفيلم يحاول تقديم شخصيات غير كاملة، مؤكدًا حقنا في أن نظل هكذا. وختم ممازحًا: "لست أخاف من الذكاء الاصطناعي، بل من الغباء الطبيعي".

 

  1. هذه التصريحات تعكس قلق ديل تورو العميق تجاه الحالة الإنسانية الراهنة، ورغبته في استخدام الفن
  2.  لطرح تساؤلات حول معنى الإنسانية في عالم يزداد تعقيدًا. ومع ذلك، لم تستطع هذه الرسالة النبيلة أن
  3.  تنقذ الفيلم من عثراته الفنية، ولم تصل إلى الجمهور بالعمق والتأثير الذي كان يهدف إليه المخرج.

 

**الخاتمة**

 

في الختام، يبدو أن فيلم "فرانكنشتاين" لغييرمو ديل تورو يمثل نقطة تحول في مسيرة المخرج المكسيكي. فبعد سلسلة من النجاحات الباهرة والجوائز المرموقة، يأتيه هذا الفيلم ليذكره بأن حتى العباقرة يمكن أن يتعثروا. قد يكون هذا الفيلم درسًا لديل تورو وللجمهور على حد سواء، بأن الشغف وحده لا يكفي، وأن الرؤية الفنية العميقة تحتاج إلى ترجمة بصرية وسردية مؤثرة لتصل إلى القلوب والعقول.

 يبقى السؤال: هل سيستطيع ديل تورو استعادة بريقه المعتاد في أعماله القادمة، أم أن "فرانكنشتاين" سيكون بداية لمرحلة جديدة في مسيرته الفنية؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.

**حلم "فرانكنشتاين" المكسيكي يتبدد في مهرجان البندقية: انتكاسة فنية لغييرمو ديل تورو؟**


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent